حيث يطلّ الجنود من الزوايا المعتمة | شعر

طفلات نازحات إلى مستشفى النصر، خان يونس، 06/11/2023 | عبد زقّوت (Getty).

 

 

حدّثتني طفلةٌ من غزّة

 

هذا الضّوء الّذي تحكين له عن حزنك

سيأخذك إلى نفقٍ أخير

تمشين بين الجثث

وتعيش الأشلاء في مخيّلتك طويلًا

لكنّك

وأنت تبكين

سيطوف جسدك على عمقٍ كبيرٍ من الدموع

أمّا يدك فما زالت

تمسك الأرض

 

عندها

كلّ حياتك ستمسك بالأرض

حتّى

لعبة الغمّيضة الّتي

تختبئ فيها العائلة

بينما الموت

 يبحث عنكم جميعًا

 

 

عدالة

 

لا يمكن لقصّةٍ مزيّفةٍ أن تحيا

سيعرف كاتبها

 أنّ لا مكان لها ولا زمان

وأنّ سكّانها الأصليّين سيبقون داخلها أبطالًا

لأنّ قصصهم

لا تخترع الألم

ولا تبحث عن سردٍ سهلٍ ممتنع

بل إنّها في كلّ أمسية

ستخلق معها الحكاية الحقيقيّة

حيث يطلّ الجنود من الزوايا المعتمة ليقتلوا طفلًا

لن يكون هناك وقتٌ

 ليستمعوا إليه يلقي شعرًا أمام الشمس

ويقول لها:

لماذا لا تصرخين؟

 

 

قطع حياة

 

مَنْ يحاول قتلك

لا يعطيك وقتًا لكي تطلّ على حزنك

وحين تكتب اسمك على حياتك

كي يعرفها الزمن

تتحوّل إلى قطع،

فرحك في زاويةٍ

وذكرياتك في زاوية،

لكنّ الجذور وحدها

تلملم كلّ شيء

ليعرفوا

وأيّ شجرة زيتونٍ تكبر في قلبك

حيث سرّ الزيت

مكتوبٌ على حبّاتٍ

 تناثرت

 أيضًا في المكان.

 

 

لوحة

 

سينسى البيت بابه

وتنسى الطفلة دفتر مذكّراتها

وربّما ينسى الطفل درّاجته

وشجرة الدار ستنسى فراشاتها

وكذلك الزمن

سيتخلّى عن كلّ الساعات

لكنّ مفتاحًا سيظلّ في قلب الأمّ

محفورًا في العمق

تسأل هل نسيته؟

فالآن سأغادر وقد أعود

وهي تحضن طفلها

في ساعة الغارة

 


 

تغريد عبد العال

 

 

 

كاتبة فلسطينيّة مقيمة في لبنان، صدر لها ثلاثة مجموعات شعريّة، تكتب في الصحافة الثقافيّة. فاز ديوانها «العشب بين طريقين»، بجائزة عبد المحسن القطّان 2019.